ثاني أعياد ميلادي

“لا يولد البشر مرة واحدة يوم تلدهم أمهاتهم و حسب ، فالحياة ترغمهم على أن ينجبوا أنفسهم”

غابرييل غارسيا ماركيز


عزيزتي بحث طويلا قبل أن أجد الجملة المناسبةلأفتتح بها  رسالة إلى إمرأة بحرارة بركان منتصب في المنتصف بين جزر الرأس الأخضر ,جملة يمكن لها ان تختصر حنين أعياد الميلاد وشوق الإغتراب يمكنها أن تلامس عرشك السرمدي فوق النجوم , جملة تكون بالحجم المناسب لترقص على انغام موسيقاك الحزينة.
   يصادف اليوم ثاني أعياد ميلادي وأول أعياد  ميلادك يوم يذكرني أن هناك إمرأة تفتح لي أبواب السماء كل ليلة و تعانقني بدفئ حتى الصباح و تسكب القهوة في فنجاني وتجيد إذابة السكر  , إمرأة  جميلة وناعمة ساحرة راقصة دائمة الإبتسام ترافقني لحظة بلحظة كداقات قلبي .
 جميلتي إستيقظت اليوم باكرا ولا رغبة لي في العمل أعددت القهوة و إستسلمت الى صوتك الجميل يخترق صمت الصباح المقيت , فكرت كثيرا قبل ان أكتب لك رسالة بمناسبة هذا اليوم وماذا سأكتب لإمرأة يحتفل الناس بعيد ميلادها كل لحظة, إمرأة بصلابة   البراكين و بحلاوة البحر و رقة النسيم ,إمراة  ينتظرها الناس كل ليلة ان تطل عيلهم من السماء, إمرأة تنجب في اللحظة ألف رجل وألف إمرأة في الف مكان , و من أجلها ينحني البحر كلما مرّ بجزيرتها الصغيرة في منتصف المحيط وسئلت نفسي 
هل رجل مثلي يستحق أن يكتب لك ؟ 
هل أنت حقا تقرأين رسائلي التي ألقيها عبثا على عتبات السماء ربما حط الرحال الي جانبها ملاك انهكه السفر كل يوم من 
الأرض إلى السماء محملا بصحف البشر و القى بها أين ترقدين .؟
و لنفترض جدلا انك تقرإين كل هذا الكم من الرسائل لرجل لا يجيد حتى كتابة عنوان لتلك المقالات الرخيصة التي كان يبيعها مقابل لاشيئ  ,هل كنت ستصدقين انه يحبك فعلا ؟
انها حمى التساؤلات التي تصيبني كل مرة أسئل فيها نفسي لماذا أكتب لك انت تحديدا  وفي كل الأوقات , و التي لا أملك إجاباتها ولن أملكها يوما و لكن غالبا ما أذهب بالإعتقاد ان الحب هو كائن خرافي  نتظره طوال حياتنا رغم تأكدنا من أنه لن يأتي ولن يمر بنا . و كنت أظن أيضا أني سأقدر يوما أن أهرب إلى السماء وأطل من أسوارها لأشاهدك من بعيد , 
لماذا من بعيد ؟ 
ربما لأني لم اتقن يوما المواجهة وطالما احببت أن أختبأ بعيدا على أن أقف وجها لوجه مع  شخص غريب . ربما أيضا لأني أخاف ان أقف أمامك عاجزا و انت تسألينني  عن الفوضى التي أحدثتها وانا أبحث عنك في عيون كل نساء العالم .
وهل فعلا تحتاجين لرجل عبث بكل شي من حوله حتى أصبح مهتزا كالزلزال ان يحدثك عن تلك الأشياء التافهة التي يصادفها كل يوم وتهتمين لتفاصيلها ؟
 و ماهي اللحظات المفضلة لديك في رسائلي ؟ هل كنت ستفضلين ان أحدثك عن تلك الساعات الطويلة التي أقضيها كل مرة أحدق في صورك وأبحث عن نفسي في عينيك وأرقد خائبا كل ليلة دون أن أجد نفسي 
سأنتظر رسائلك بحرقة كل ليلة أذهب فيها  إلى النوم مثقلا بذكريات كالصخور لا تريد أن تتزحزح عن مكانها و سأشتري كل  ليلة نبيذا يكفي لأنساك في لحظات اليقضة حتى اتمكن ان اعانقك بقوة في حلم يراودني كل ليلة ودون توقف , سأنتظر ايضا ان نلتقي يوما على عتبات ماندلو كما وددت أن ألتقي بك أول مرة , سأظل أرتدي بدلتي في كل مناسبة سعيدة و أبتسم  ربما وددت أن تراقبيني من بعيد .
 عزيزتي لازلت تتربعين على عرش قلبي وسأبقى أكتب كل مرة رغبت  فيها  بشدة ان اعانق السماء وأبكي , سأنتظرك كل ليلة  دون ان انسى زجاجة النبيذ و تلك الزهور الحمراء وسأشعل الف شمعة على طاولة كبيرة تكون بحجم السماء أرتب فوقها رسائلي جميعا دون استثناء و أعيد قرائتها بصوت عالي كالترانيم التي ينشدها أبناء الله في الكنائس .
 الوطن انا وطنك كل شيئ على حاله لا شيئ تغير مازال الأطفال في وطنك يرقصون حفاة القدمين ولازلت ان انا أذهب   
إلى حفلات الرقص بحذاء جديد لكن قلبٌي عَارٍ







ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.